من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
تفاسير سور من القرآن
67245 مشاهدة
تفسير قوله: لتنذر به

...............................................................................


وقوله: لِتُنْذِرَ أصله مضارع أنذره ينذره إنذارا، والإنذار في لغة العرب التي نزل بها القرآن هو خصوص الإعلام المقترن بتهديد خاصة وتخويف. فكل إنذار إعلام وليس كل إعلام إنذارا؛ لأن الإنذار الإعلام المقترن بتخويف وتهديد خاصة.
وأصل ماضي هذا الفعل أنذر بالهمزة، وكان لو جرى على الأصل لقيل: لتؤنذر به، لكن القاعدة المقررة في فن التصريف أن كل فعل بني ماضيه على أفعل أن همزة أفعل تحذف وجوبا بقياس مطرد في مضارعه واسم فاعله واسم مفعوله.
ومفعول الإنذار هنا محذوف وقد دل عليه التفسير؛ أي لِتُنْذِرَ بِهِ الكفار المتمردين العاتين وتذكر به المؤمنين؛ فالقرآن إنذار لقوم تمردوا وعتوا وتذكرة وبشرى لقوم آخرين؛ كقوله: فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا .
والمعنى أنزلنا إليك الكتاب لتخوف به الخلق الذين كذبوه ولم يتبعوه، وفي هذه الآية الكريمة وأمثالها من الآيات زواجر عظيمة ينبغي لنا أن نعتبرها؛ لأن خالقنا جل وعلا بين لنا في أول هذه السورة الكريمة سورة الأعراف، من هذا المحكم المنزل، الذي هو آخر كتاب نزل من السماء على آخر نبي بعثه الله في أرضه صلوات الله وسلامه عليه.
قال: إنه أنزل عليه هذا الكتاب؛ ليخوف به الخلق من عقوبات خالق السماوات والأرض وسخطه، فإنه الجبار الأعظم الذي إذا سخط عاقب العقوبة المهلكة المتصلة.
فبهذا يجب علينا أن نتأمل في معاني القرآن، ونعرف أوامر ربنا التي أمرنا بها فيه، ونواهيه التي نهانا عنها، ونخاف من هذا الإنذار والتهديد الذي أنزل هذا القرآن على الرسول ليفعله بمن لم يعمل بهذا القرآن العظيم.
فالإنسان يجب عليه أن يتدبر هذا القرآن العظيم وينظر أوامره وينظر نواهيه، ويعمل بما فيه من الحلال والحرام، فالحلال ما أحله الله في هذا الكتاب وبينته السنة الكريمة، والدين ما شرعه الله بأنه لا حكم إلا لله.
فكل الأحكام هي لله والتشريع لله والتحليل والتحريم لله، وقد أنزل علينا هذا الكتاب ليخوفنا إذا لم نعمل بما فيه من العبر والآيات؛ فنحل حلاله ونحرم حرامه ونعتقد عقائده، ونعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه ونعتبر بما فيه من الأمثال.
وتلين قلوبنا لما فيه من المواعظ وضروب الأمثال، فهذا الإنذار لا ينبغي للمسلم أن يهمله ويعرض عنه صفحا.